"كاميلو فيرغارا".. أحد الناجين من عمليات تجنيد الأطفال في كولومبيا
"كاميلو فيرغارا".. أحد الناجين من عمليات تجنيد الأطفال في كولومبيا
ولد "كاميلو أندري فيرغارا" عام 1989 في منطقة ريفية في أنتيوكيا غرب كولومبيا، نشأ بين مزارع البن والكاكاو، وكانت حياته المبكرة مع والديه وإخوته هادئة، لكن النزاع المسلح مزق عائلته، عندما كان طفلاً صغيراً.
يقول "فيرغارا": "عندما كنت صغيراً، كانت الجماعات المسلحة تبتز الفلاحين وتهددهم وتجنّد الأطفال"، متذكراً أيام التسعينيات المظلمة، ويضيف: "ذات ليلة، عندما كنت في التاسعة من عمري، اقتحمت مجموعة مسلحة منزلنا الساعة الثانية صباحًا، وأخبروا والدي أن أحد أبنائه يجب أن يغادر معهم وإلا سيقتلوننا جميعًا، حاولوا أخذ أخي البالغ من العمر 26 عامًا، جون، ولكن رفض والدي، فقتلوا شقيقي أمام أعيننا بالرصاص، ثم حاولوا أخذ أخي الآخر، كارلوس، 19 عامًا وقاموا بقتله أيضًا".
وفر "فيرغارا" وأفراد أسرته الباقين في الليل المظلم، وفي اليوم التالي وجد الصبي نفسه وحيدًا، قرر الذهاب إلى ميديلين للبحث عن جدته، بمجرد وصوله إلى هناك، أدرك أنه بدون رقم هاتف أو عنوان، ولصغر سنه، انتهى به الأمر بالعيش في الشوارع، كان يمضي أيامًا دون طعام، وفي الليل كان يتعرض للضرب والتهديد بالسلاح، وكان يخشى الاعتداء عليه جنسياً.
في النهاية، وصل "فيرغارا" لجدته، لكن سعادته بالعثور عليها لم تدم طويلاً: كانت تعيش مع أعمامه، الذين كانوا يبيعون المخدرات، وهو رفض الانضمام إلى أنشطتهم الإجرامية وقرر عدم العيش معهم.
وبمرور الوقت، تمكن من العودة إلى المدرسة، وتدرب كلاعب جمباز، وفاز بمنح دراسية، وعندما كبر تمكن من الانضمام إلى قوة الشرطة، مما أثار الآمال في أنه قد يلعب دورًا في تحقيق العدالة وأن يلتقي بأسرته.
ومع ذلك، لم ينجح في كلا الهدفين: حيث عاش كضابط شرطة في أحد أكثر أحياء ميديلين عنفًا، ووجد نفسه في مرمى عصابات أرادت قتله، ولم يتمكن من جمع أي معلومات حول مكان وجود عائلته، وبعد عام ونصف، ترك القوة وانتقل إلى بيتوليا لتعليم الجمباز للأطفال الصغار.
وفي عام 2015، ضرب الانهيار الطيني القاتل سالغار، وهي بلدية على بعد 30 كم من بيتوليا، وقتل أكثر من 80 شخصا واختفت عشرات المنازل واضطر مئات السكان للفرار من المنطقة.
وكان "فيرغارا" من المتطوعين للذهاب إلى سالغار، ليساعد العائلات الجائعة والخائفة التي فقدت كل شيء، وبينهم وجد والديه، وشقيقه المتبقي، وأخته الصغرى.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يراهم فيها منذ 15 عامًا، وقال "كان من الصعب جدًا سماع أنهم لم يبحثوا عني، لأنهم اعتقدوا أنني إما مت في اليوم الذي قُتل فيه إخوتي، أو أن المقاتلين جندوني".
وعلى الرغم من حماسه للم شمل العائلة، وجد نفسه مسؤولا عن دعم الأسرة بأكملها، خاصة بعد أن اجتاح الانهيار الطيني مصدر رزقها.
ولأنه حصل على التعليم الأساسي فقط، عمل كعامل نظافة نهارا وفي الليل حارس أمن في مركز تجاري، وكان ينام 4 ساعات فقط في الليلة، ما جعله يفقد 15 كيلوغرامًا من وزنه، وتأثرت صحته.
وأخيرًا، في عام 2020، فازت National Learning Service of Colombia (SENA) بمناقصة مع منظمة العمل الدولية (ILO) لتقديم برنامج تعليمي تقني يسمى "التدريب من أجل المستقبل"، لمساعدة ضحايا النزاع المسلح على اكتساب المؤهلات اللازمة لدخول المجال التقني.
وبفضل البرنامج، تمكن "فيرغارا" من الحصول على دبلوم للعمل مع شركة تقدم خدمات الإنترنت والهاتف، وهي وظيفة تضمنت بعض المهارات البدنية والألعاب البهلوانية التي استخدمها في الشوارع عندما كان طفلاً.
يقول"فيرغارا": “كانت هذه هي الفرصة التي كنت أنتظرها منذ سنوات، بعد كل شيء مررت به، بما في ذلك العيش في الشوارع، واضطراري إلى التسول”.
وبالإضافة إلى تزويده بالتعليم المهني، فإن التدريب من أجل المستقبل يوفر له الدعم النفسي والاجتماعي وأشكالا أخرى من الدعم، وبعد التخرج، في أكتوبر 2021، تلقى "فيرغارا" عرض عمل كفني، حيث يتقاضى راتباً يتناسب مع مؤهلاته.
ويقول "فيرغارا" إنه يريد مواصلة الدراسة ويأمل في الالتحاق بالجامعة، ويضيف: "لقد تعلمت أنه، في الحياة، يمكن انتزاع الأشياء المادية منك، ولكن ليس المعرفة".
وفي رأيه، أن التعليم هو المفتاح للحد من العنف الذي لا يزال موجودًا في كولومبيا.